فصل: المولوي: نعيم الدين، هو أخو الشيخ: عليم الدين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أبجد العلوم **


 علماء قنوج

 الشيخ، الأجل‏:‏ علي أصغر بن الشيخ‏:‏ عبد الصمد القنوجي، البكري، الكرماني

من أولاد الشيخ‏:‏ عماد الدين الكرماني - صاحب ‏(‏الفصول العمادية‏)‏ -، ‏(‏3/ 262‏)‏ كان من أعيان علماء قنوج وأكابرها‏.‏

ولد في سنة 1051، وأخذ العلوم الدرسية المتداولة عن السيد العلامة‏:‏ محمد القنوجي، وأتم المتوسطات والمطولات في حلقة درس السيد‏:‏ عصمة الله السهارنقوري، وقرأ فاتحة الفراغ عند الشيخ الكامل‏:‏ ملا محمد زمان الكاكوروي، وصار بارعا في جميع العلوم النقلية والعقلية، إماما في التصوف والسلوك، له مصنفات‏.‏

منها‏:‏ ‏(‏اللطائف العلية، في المعارف الإلهية‏)‏، على طريقة كتاب ‏(‏فصوص الحكم‏)‏ لابن عربي الطائي‏.‏

ومنها‏:‏ ‏(‏تبصرة المدارج‏)‏ في علم السلوك، جمع فيه ما استفاده من شيخه‏:‏ بير محمد الجونفوري المولد، اللكهنوي المحتد‏.‏

ومنها‏:‏ ‏(‏القصيدة المهيمنية، في النفحة المحمدية‏)‏، وشرحها، المسمى‏:‏ ‏(‏بالنفائس العلية، في كشف أسرار المهيمنية‏)‏‏.‏

ومنها‏:‏ تفسير القرآن الكريم، المسمى‏:‏ ‏(‏بثواقب التنزيل‏)‏، مختصر على هيئة ‏(‏تفسير الجلالين‏)‏، لكن أحسن منه في البلاغة والمتانة‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏شرح فصوص الحكم‏)‏، وملخصه‏.‏

ينتهي نسبه إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -‏.‏

قال السيد غلام علي آزاد البلكرامي - رحمه الله - في ‏(‏مآثر الكرام‏)‏‏:‏ خرج بعض آبائه من المدينة المنورة بتصاريف الزمان، وتوطن بكرمان، وارتحل الشيخ‏:‏ مبارك بن عماد الدين الكرماني من كرمان الهند، وأقام ببلدة قنوج، وتوطن بها، وفيها أعقابه إلى الآن، شارك الشيخ‏:‏ علي أصغر في تحصيل العلم مع الشيخ‏:‏ أحمد ملا جيون - صاحب ‏(‏نور الأنوار‏)‏ -، ولبس الخرقة من الشيخ‏:‏ بير محمد اللكهنوي، واستجاز فأجاز، وبايعه، وجلس في الأربعينات، ورجع إلى قنوج، واختار العزلة إلى آخر العمر، ودرس ستين سنة، بلغ خلق كثير في حوزة درسه إلى منتهى الفضيلة، أدركت ‏(‏3/ 263‏)‏ صحبته مرارا، ووجدته ذاتا، مقدسا، مباركا‏.‏

توفي في سنة 1140‏.‏

وقلت‏:‏ تاريخه بالفارسية‏:‏

مولوي زمان علي أصغر ** أزوفاتش كما شد معدوم

منال تاريخ أونوشت خرد ** شد نهان آفتاب صبح علوم

انتهى كلامه مترجما 1140 هـ‏.‏

 السيد‏:‏ إمام؛ والسيد‏:‏ حسن؛ والسيد‏:‏ صدر الدين القنوجي

كانوا من مشاهير علماء هذا البلد، في عهد السلطان‏:‏ سكندر اللودي، في سنة 604؛ وكان السيد‏:‏ صدر الدين ملازما ركاب السلطان، في كل حين وأوان‏.‏

 الخواجه‏:‏ محمد بن عبد الرحمن القنوجي

كان سيدا، عالما، كبيرا، وعارفا، سالكا، من سادات رسول دار، له معارف وحقائق جيدة، وفضائل شهيرة‏.‏

رحل إلى الحرمين الشريفين، ولقي مشائخهما، واستفاد منهم، ثم رجع إلى قنوج، وبها توفي، مزاره يزار‏.‏

له كتاب، سماه‏:‏ ‏(‏هداية السالكين، إلى صراط رب العالمين‏)‏، ألفه لابن السلطان، المسمى‏:‏ بشاه عالم بهادر، وهو في علم التصوف والسلوك، على طريقة كتاب ‏(‏قوت القلوب‏)‏ لأبي طالب المكي، و‏(‏إحياء العلوم‏)‏ للغزالي؛ لم أقف على تاريخ وفاته - رحمه الله ‏.‏

 الشيخ‏:‏ ياسين القنوجي

كان من أساتذة الوقت، وأعيان العصر، والفضلاء الكاملين المكملين، تتلمذ عليه خلق كثير، وبلغوا إلى منتهى الفضيلة‏.‏

منهم‏:‏ السيد‏:‏ مربي بن السيد‏:‏ عبد النبي بن السيد‏:‏ الطيب البلكرامي؛ وملا‏:‏ فيضي الأمروهي؛ وقد ذكر لهذين ترجمةً السيدُ‏:‏ آزاد البكري - رحمه الله - في كتابه‏:‏ ‏(‏مآثر الكرام، تاريخ بلكرام‏)‏‏.‏

 المولوي‏:‏ محمد فصيح الدين

كان من شيوخ بلدنا قنوج، ومن علمائها الكاملين، اشتغل بالدرس والعبادة، وبالغ في الإفاضة والإفادة، حتى أتاه اليقين، ولقي الله رب العالمين‏.‏ ‏(‏3/ 264‏)‏

 المولوي‏:‏ عليم الدين بن الشيخ‏:‏ فصيح الدين

- المذكور -، كان في الفضائل‏:‏ أنموذج السلف الصلحاء، وفي العلوم العربية‏:‏ تذكار العرب العرباء، تتلمذ على الشيخ العلامة‏:‏ عبد الباسط القنوجي، وأتم الكتب الدرسية من البدء إلى الغاية، في حلقة درسه، وحوزة إفادته، ودرس عمرا، وألف كتبا، منها‏:‏ ‏(‏عين الهدى، شرح قطر الندى‏)‏ في النحو، و ‏(‏درر الفضائل، في شرح الشمائل‏)‏، و ‏(‏الرسائل‏)‏ في علم المنطق؛ وعامُ تأليف ‏(‏عين الهدى‏)‏ سنة 1211‏.‏

 المولوي‏:‏ نعيم الدين، هو أخو الشيخ‏:‏ عليم الدين

والابن الصغير للشيخ‏:‏ فصيح الدين، كان في أخذ العلوم، وتحصيل الكمالات العلمية، تِلْوَ أخيه الكبير، تتلمذ على العلامة‏:‏ القنوجي عبد الباسط‏.‏

ومن مصنفاته‏:‏ ‏(‏شرح تصديقات سلم العلوم‏)‏، و ‏(‏الحاشية على صدرا‏)‏ في الحكمة‏.‏

 المولوي‏:‏ رستم علي بن العلامة‏:‏ علي أصغر القنوجي

عالم ابن عالم، وفاضل ابن فاضل، من بيت العلم المشهور، والحي الذي بالفضائل مذكور‏.‏

ولد في سنة 1115، اكتسب العلوم المتداولة وكتبها المطولات من‏:‏ أبيه العارف، وأتمها بعد وفاته في حلقة درس ملا‏:‏ نظام الدين اللكهنوي، في سنة 1240، وجلس على صدر الإفادة مقام والده، وعلم، ودرس، وألَّف‏.‏

ومن مصنفاته‏:‏ تفسير القرآن الكريم، المسمى‏:‏ ‏(‏بالصغير‏)‏، و ‏(‏شرح على المنار، في غاية من الاختصار‏)‏‏.‏

 المولوي‏:‏ محمد عبد العلي القنوجي

أخو‏:‏ الشيخ رستم علي - المذكور -، كسب العلوم من أخيه، وصار بارعا في كل فن نبيه، له‏:‏ ‏(‏حاشية على شرح المنار‏)‏ في أصول الفقه‏.‏

توفي بقصبة‏:‏ بندكي - من توابع‏:‏ كوره جهان آباد ‏.‏

 المولوي‏:‏ حسين علي بن علامة العصر‏:‏ عبد الباسط القنوجي

أخذ العلوم عن أبيه الماجد، وتصدى في حياته للدرس، وأفاد الطلبة وأفاضهم‏.‏ ‏(‏3/ 265‏)‏

ومن مؤلفاته‏:‏ كتاب‏:‏ ‏(‏تمرين المتعلم‏)‏ في الصيغ المشكلة، والتعليلات الصعبة‏.‏

توفي بعد أبيه بخمسة أشهر، وعمره‏:‏ أربع وعشرون سنة، في سنة 1223، ودفن عند أبيه، - رحمة الله على شبابه، وبوأه في دار النعيم، وخصه بثوابه ‏.‏

 المولوي‏:‏ غلام حسنين بن المولوي‏:‏ حسين علي بن الشيخ

العلامة‏:‏ عبد الباسط القنوجي ولد في سنة 1221، واسمه التاريخي‏:‏ ‏(‏غلام عليم‏)‏، تتلمذ على الشيخ العالم‏:‏ محمد سعادت خان الفرخ آبادي المتوكل المشهور‏.‏

وعلى العلامة‏:‏ محمد ولي الله المفتي الفرخ آبادي، وأخذ عنه علم الحديث والتفسير، في سنة 1336، ورحل إلى الحرمين الشريفين، وأقام في برودة - من أرض كجرات -، وحج في سنة 1255، وصحب هناك الشيخ‏:‏ عبد الله سراج، والشيخ‏:‏ شمس الدين شطا، والسيد‏:‏ عمر أفندي، وغيرهم من أهل مكة المكرمة، واستجاز بالمدينة المشرفة الشيخ‏:‏ محمد عابد السندي، فأجازه بكتب الصحاح، والسنن المشهورة، وزار القرآن العثماني، واشتغل بكتب التصوف وطالعها‏.‏

له من التأليفات‏:‏ ‏(‏ذيل كتاب المنازل الإثنا عشر‏)‏ لجده، وقد قاسى في تكميله جهدا بليغا، لاقيته مرارا، وصحبته في صغر سني ببلدة قنوج، وارتحل إلى برودة، وسافر في آخر عمره إلى الحرمين الشريفين، وحج، وزار، ثم رجع، فلما بلغ ‏(‏بندر بمبئى‏)‏ مرض، وتوفي في سنة‏.‏‏.‏‏.‏ الهجرية - رحمه الله -‏.‏

 المولوي‏:‏ محمد أمجد القنوجي

كان من كبار الفضلاء، وأعاظم العلماء، من أهل قنوج، تتلمذ على الشيخ العارف‏:‏ علي أصغر القنوجي، وبلغ الغاية في الكمال، ودرس، وألف، وله‏:‏ ‏(‏حاشية على صدرا‏)‏ في الحكمة، متداولة في ديارنا، لم أقف على تاريخ وفاته‏.‏

 الشيخ، المولوي‏:‏ فتح علي القنوجي

كان قاضيا بها أبا عن جد، تتلمذ على ملا‏:‏ علي أصغر القنوجي، وحصل الحيثية العلمية المعتد بها، وفاق الأقران، وكان له مناسبة تامة بكل علم، ومن مؤلفاته‏:‏ ‏(‏حاشية على شرح التهذيب الجلالي‏)‏، و شرح لمقامات أبي ‏(‏3/ 266‏)‏ القاسم الحريري‏.‏

 السيد‏:‏ محمد القنوجي

هو من سادات رسول دار، كان أستاذا للسلطان‏:‏ عالمكير أورنك زيب، ومن صالحاته الباقية‏:‏ عمارة بيت المسافرين، الذي لم يعهد مثله في هذه الديار، وله بستان فيه مقبرة عظيمة فيها قبره، كان له اليد الطولى في العلوم الرياضية والعربية، ألف‏:‏ ‏(‏حاشية على المطول‏)‏، وكان معظما، ذا جاه، وثروة، ودولة عظمى، جامعا بين رياسة العلم، والحكومة، والشرافة؛ له أعقاب في تلك البلدة، لكن كلهم جهلاء متشيعون‏.‏

 الشيخ‏:‏ عبد الوهاب الراجكيري

المخاطب بنواب منعم خان بهادر؛ وراجكير‏:‏ محلة من محلات قنوج؛ كان فاضلا جيدا، وعالما نبيلا، له اليد الطولى في العلوم المتداولة، والتصانيف المفيدة، في الفنون الدرسية المتناولة، منها‏:‏ ‏(‏مفتاح الصرف‏)‏، و ‏(‏بحر المذاهب‏)‏ في الكلام، و ‏(‏كتاب الصدرة‏)‏ في علم العقائد، وعندي منها شيء يسير‏.‏

 الشيخ العارف‏:‏ حبيب الله القنوجي

هو من مشائخ قنوج، اكتسب العلوم الدرسية، وبرع فيها، ثم توغل في السلوك والتصوف، وصار رأسا في ذلك العلم والعمل، وقصر نفسه على إرشاد الخلق إلى الله تعالى وذكره - سبحانه -، وكان معاصر الملا‏:‏ علي أصغر القنوجي‏.‏

ومن مؤلفاته‏:‏ ‏(‏الجواهر الخمسة‏)‏، و ‏(‏تذكرة الأولياء‏)‏، و ‏(‏روضة النبي في السير‏)‏، و ‏(‏أنيس العارفين‏)‏، و ‏(‏الفاضل‏)‏ في الفقه‏.‏

ومن آثاره الباقية إلى الآن‏:‏ مسجد، وخانقاه، وروضة فيها قبره‏.‏

قال السيد‏:‏ غلام علي آزاد في ‏(‏مآثر الكرام‏)‏‏:‏ توفي في سنة 1140، تاريخه‏:‏ ‏(‏الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب‏)‏، قبره بقنوج، وشيخه الشاه‏:‏ عبد الجليل الإله آبادي، الآخذ للطريقة عن الشاه‏:‏ محمد صادق، الآخذ عن الشيخ‏:‏ أبي سعيد - من أحفاد الشيخ‏:‏ عبد القدوس الكنكوهي - رحمه الله ‏.‏

 سيدي الوالد، الماجد، المرحوم‏:‏ حسن بن علي بن لطف الله الحسيني

البخاري، ‏(‏3/ 267‏)‏ القنوجي -قدس الله سره، ونور الله مضجعه -؛ ذكرت له ترجمة حافلة في ‏(‏إتحاف النبلاء المتقين‏)‏، فلا حاجة إلى إعادتها، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله‏.‏

وهو ابن السيد الأمير الكبير‏:‏ نواب أولاد علي خان بهادر أنورجنك، المتوفي بأرض حيدر أباد الدكن، جده القريب‏:‏ السيد أبو عبد الله جلال الدين حسين، المعروف‏:‏ بمخدوم جهانيان جهان كشت؛ ونسبه الأقصى‏:‏ ينتهي إلى سيدنا‏:‏ زين العابدين علي أصغر بن حسين الشهيد بكربلاء - رضي الله تعالى عنه - في سنة 1210‏.‏

أخذ أوائل العلوم الدرسية من‏:‏ الشيخ العلامة‏:‏ عبد الباسط القنوجي، ورحل إلى لكهنؤ بعد وفاته، فاكتسب عن الشيخ العارف العالم‏:‏ محمد نور، وغيره من علماء عصره، وسافر في سنة 1233 إلى دهلي، وتتلمذ على الشيخ‏:‏ عبد العزيز، والشيخ‏:‏ رفيع الدين، ابني الشيخ الأجل الشاه‏:‏ ولي الله المحدث الدهلوي، وأخذ الإجازة لكتب التفسير والحديث وغيرهما، وصحب السيد الكبير، والعارف الشهير‏:‏ أحمد البريلوي - مجدد المائة الثالثة عشر -؛ وبايعه، واستفاض منه فيوضا كثيرة، وجاهد معه في سبيل الله، وصار خليفة له في دعوة الحق إلى دين الله - تعالى -؛ فرجع إلى الوطن، وتمكن به للدرس، والإفادة، والوعظ، إلى آخر العمر، وكان في‏:‏ التقوى، والديانة، واتباع الحق، واقتداء الدليل، ورد الشرك والبدع، آية باهرة، وقدرة كاملة، ونعمة ظاهرة من الله - سبحانه وتعالى -‏.‏

وله مؤلفات بالألسنة الثلاثة‏:‏ الهندية، والفارسية، والعربية‏.‏

منها‏:‏ ‏(‏راه سنت‏)‏، و ‏(‏هداية المؤمنين‏)‏، و‏(‏نور الوفا، من مرآة الصفا‏)‏، و ‏(‏رسالة في‏:‏ معنى الكلمة الطيبة‏)‏، و ‏(‏رسالة في‏:‏ رد التعزية والضريح‏)‏، و ‏(‏رسالة في‏:‏ آداب التذكير‏)‏، و ‏(‏رسالة في‏:‏ آداب البيعة‏)‏، وكتاب في الحدود والقصاص، سماه‏:‏ ‏(‏بالاختصاص‏)‏، و ‏(‏تقوية اليقين، في الرد على عقائد المشركين‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك، مما يعسر عدّها‏.‏

توفي - رحمه الله - في سنة 1253؛ تاريخ وفاته‏:‏ ‏(‏مات بخير‏)‏، استخرجه المولوي‏:‏ ‏(‏3/ 268‏)‏ أمين الدين الجاليسري، من لفظ الحديث النبوي - صلى الله عليه وآله وسلم - الواقع في باب المساجد‏:‏

موت التقي حياة لا انقطاع لها ** قد مات قوم وهم في الناس أحياء

السيد، العلامة‏:‏ أحمد بن حسن بن علي العرشي، القنوجي

أخونا الكبير؛ كان أساسا محكما للمراتب العليا، وقياسا منتجا للفضيلة الكبرى، ميزان نقد العقليات، برهان عدل النقليات؛ ولد تاسع عشر رمضان، يوم السبت، وقت الإشراق، سنة 1246؛ وأخذ العلوم المروجة، والفنون الدرسية متفرقة في بلاد شتى، من أساتذة متعددين، كبلدة دهلي، وغيرها؛ وساح البلاد، ولاقى جماعة من أهل العلم المدرسين، وبرع في الفضائل، وجمع الفواضل المتكثرة‏:‏ كالرمي بالبندق، والركوب على الأفراس؛ ونظم القصائد الغراء في الفارسية والعربية، وفاق الأقران في‏:‏ الذكاء، والفطنة، وقوة الحافظة، وجودة الذهن؛ وتتلمذ على المولوي‏:‏ عبد الجليل الكولي؛ وأجاز له الشيخ العارف‏:‏ عبد الغني المجددي الدهلوي - نزيل المدينة المنورة حالا، الآخذ لعلم الحديث -، عن الشيخ‏:‏ محمد عابد السندي، الراوي عن إمام المحدثين، وخاتمة المجتهدين الشيخ‏:‏ صالح بن محمد العمري المسوفي، الشهير‏:‏ بالفُلاّني، وسمع من الحديث المسلسل بالأولية في سنة 1271، وسافر من الوطن قاصدا بيت الله الحرام في سنة 1276، فوارد ببلدة برودة - من أرض كجرات -، وأقام مدة يسيرة عن المولوي‏:‏ غلام حسنين القنوجي، ثم مرض بالحمى، واشتد المرض، وانجر إلى الإسهال، وكان هناك الوباء، فتوفي - رحمه الله تعالى - تاسع جمادى الأولى، يوم الجمعة، من شهور سنة 1277، ودفن بعد صلاة الجمعة، في التكية الماتريدية، عند مزار السيد‏:‏ يحيى الترمذي - من خلفاء المخدوم‏:‏ أخي جمشيد الراجكيري -، وكان عمره ثلاثين سنة، وسبعة أشهر، وعشرين يوما‏.‏

ولما جاء هذا الخبر ببلدة قنوج، حزن عليه جميع أهل البيت وأهل البلد ومن سمع ذلك - لا سيما ‏(‏3/ 269‏)‏ أمه الشريفة -؛ وكنت إذ ذاك ببلدة بهوبال المحمية، والله يعلم ماذا صب علي من المصائب والأحزان والنوائب‏؟‏ ولا مفر لأحد من تقدير العزيز العليم، ولا فرج بعد الشدة غير الاصطبار، كما أمر به القادر الحكيم، - فرحمه الله تعالى وإيانا برحمته الواسعة، وغفر لنا وله بكرمه العميم -؛ وقد قال تعالى‏:‏ ‏(‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله، ثم يدركه الموت، فقد وقع أجره على الله‏)‏‏.‏ ورُوينا عن عمرو بن العاص، أنه قال‏:‏ مات رجل بالمدينة - ممن ولد بها -، فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال‏:‏ يا ليته مات بغير مولده، قالوا‏:‏ ولم ذلك‏؟‏ قال‏:‏ إن العبد إذا مات بغير مولده، قيس ما بين مولده إلى منقطع أثره في الجنة‏.‏ أخرجه النسائي‏.‏

وفي حديث ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ما من مسلم يموت يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر‏.‏ رواه أحمد، والبيهقي‏.‏

والحديث له شواهد، ولنعم ما أنشدته عائشة - رضي الله عنها - حين وردت على قبر أخيها‏:‏ عبد الرحمن، وزارته بمكة المكرمة‏:‏

وكنا كندماني جذيمة حقبة ** من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

وعشنا بخير في حياة وقبلنا ** أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا

فلما تفرقنا كأني ومالكا ** لطول افتراق لم نبت ليلة معا

ثم إنه رثاه الشيخ‏:‏ حسن اليمني الأديب بقصيدة، أولها‏:‏

خطب ألَمَّ وفادح قد أوجعا ** بمصاب ركن الدين يوم تصدعا

وقد ذكرت هذه القصيدة، في ترجمته الشريفة في كتابي‏:‏ ‏(‏إتحاف النبلاء‏)‏، فارجع إليه‏.‏

ووجدت بخطه‏:‏

أما بعد، فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بمحروسة قنوج، في مبشرة أريتها في اليوم الثامن من رمضان المبارك، سنة خمس وستين بعد ألف ومائتين ‏(‏3/ 270‏)‏ من هجرته - صلى الله عليه وسلم -، رأيته وهو حسين، ولونه أبيض من لون الحنطة ويده، لا يشتكي منه قصر ولا طول، فرأيت أني أكلت معه الطعام، وطال يده - صلى الله عليه وسلم - إلى قصعتي، فقربت الإدام إليه، فتناوله بيده الشريفة، وأخذ كأنه يأكل في قصعتي، ولم يبق شيء، فقلت‏:‏ أيتها الحضرة، من رآكم في هذا الزمان، وصحبكم في المنام، هل يُعدُّ من أصحابكم‏؟‏ فأجاب بما مفهومه‏:‏

إنه لا يعد منهم، وأعطاني فلوسا‏.‏

وسألت عنه - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ما بال الناس يتركون الحديث بقياس المجتهدين‏؟‏‏!‏ مع أنهم إنما قاسوا إذ لم يجدوا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصوا أصحابهم بالعمل على الحديث؛ والناس في هذا الزمان قد غلوا في ذلك، وكفَّروا من أرشدهم إلى اتباع السنة المخالفة لمذهبهم، فشاهدت آثار الملال في بشرته - صلى الله عليه وسلم - من صنع الناس‏.‏

هذا وكنت إذا سألته عن شيء، أرى جسمي كأنه يمس جسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو - صلى الله عليه وسلم - يتعطَّف علي، ويقبل إلي، ووجدت له - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه المبشرة محبة عظيمة من قلبي، حتى أحببت أن جعلني الله فداه، وأُقتلَ في الجهاد وأنا أحميه، ووجدته - صلى الله عليه وسلم - يرضى بالعمل للحديث‏.‏ انتهى‏.‏

وبالجملة‏:‏ كان له اليد الطولى في الرد على المقلدة، كما يلوح ذلك من كتابه‏:‏ ‏(‏حديث الأذكياء‏)‏، الملقب‏:‏ ‏(‏بالشهاب الثاقب‏)‏، وغيره؛ وله نظم رائق، وشعر فائق، بالفارسية والعربية، يربو على نظم الأدباء المتقدمين، والبلغاء المتأخرين، ذكرت جملة صالحة منها في كتابي‏:‏ ‏(‏إتحاف النبلاء‏)‏، وتذكرتي المسماة‏:‏ ‏(‏بشمع انجمن‏)‏، فارجع إليهما؛ وهو نظير‏:‏ المحدث، العلامة، الشيخ‏:‏ محمد فاخر، المتخلص‏:‏ بالزائر الإله آبادي - تلميذ الشيخ‏:‏ محمد حياة السندي، المدني - في إيثار الاتباع، ورفض الابتداع، والتمسك بالأدلة، والتجنب عن الآراء المضلة‏.‏

والعبد الضعيف أيضا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرؤيا ببلدة قنوج، رأيته ‏(‏3/ 271‏)‏ جالسا على سرير، تحته يجري الماء الصافي، فسلمت عليه، وجلست على طرف من السرير موضع الحاشية، أدبا منه - صلى الله عليه وسلم -، مقبلا إليه، فقال قولا لم أفهمه حق الفهم، لكن قلت في جوابه‏:‏ أين أنا من هذه الرتبة‏؟‏

ورأيت أن وراء ظهره - صلى الله عليه وسلم - عمارة كالحمام، وقلة من رمان، فأخذ رمانين منها، وجاء إلي، وأعطانيهما بيده الشريفة، فتناولتهما، ووقع لي ذهول ما في أثناء هذا الحال، ثم أفقت، ورأيت عمارة المدينة المنورة، كأنها عمران قديم، وديار بالية، وسكك خالية، ثم تيقظت والعين تجري بدموع، وفي القلب من الراحة والسكينة مالا يعلمه إلا الله، ثم تأملت في التأويل، فوجدت أن الرمانين عبارة عن‏:‏ العمل بالكتاب والسنة، أو السفر إلى الحرمين الشريفين، وقد وقع ما أوّلت - ولله الحمد -، ونظمت هذه الرؤيا في أبيات، أولها‏:‏

رأيت رسول الله في النوم ليلة ** وقد كنت مشتاقا إليه متيما

‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخر الأبيات‏.‏

العبد الفقير لما أنزل إليه من خير الباري‏:‏ أبو الطيب، صِدِّيق بن حسن بن علي الحسنين القنّوجي، البخاري

- كان الله له في الدنيا والآخرة، وحباه فيهما بنعمه الذاخرة، الوافرة الفاخرة -‏.‏

تولد في سنة 1248، ثمان وأربعين ومائتين وألف القدسية، على صاحبها الصلاة والتحية، ونشأ بموطنه بلدة قنوج، وما إليها من الأقطار الهندية، فهو مولده، ومسكنه، ومرباه، ومحتده، وداره، ومثواه‏.‏

يرجع نسبه إلى حضرة سيد السادة، وقدوة القادة‏:‏ زين العابدين علي بن حسين السبط بن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه -‏.‏

تتلمذ العلوم الدرسية على الوجه المرسوم، على شيوخ هذا العهد‏.‏

منهم‏:‏ الشيخ، الفاضل، المفتي‏:‏ محمد صدر الدين خان الدهلوي، من تلامذة ‏(‏3/ 272‏)‏ الشيخ‏:‏ الكامل عبد العزيز، وأخيه الشيخ العامل‏:‏ رفيع الدين، ابني الشيخ الأجل مسند الوقت‏:‏ أحمد شاه ولي الله المحدث الدهلوي - رحمهم الله تعالى -‏.‏

واستفاد العلوم الملية من‏:‏ التفاسير، والأحاديث، وما يليهما من مشيخة اليمن الميمون والهند‏.‏

منهم‏:‏ الشيخ القاضي‏:‏ حسن بن محسن السبعي الأنصاري، تلميذ الشيخ الماهر‏:‏ محمد بن ناصر الحازمي، تلميذ القاضي، الإمام، العلامة، المجتهد المطلق، الرباني‏:‏ محمد بن علي بن محمد اليمني الشوكاني‏.‏

والشيخ، المعمر، الصالح‏:‏ عبد الحق بن فضل الله الهندي

والشيخ، التقي‏:‏ محمد يعقوب، المهاجر إلى مكة المكرمة، أخو الشيخ‏:‏ محمد إسحاق، حفيد الشيخ‏:‏ عبد العزيز المحدث الدهلوي - رحمهم الله تعالى -‏.‏

وكلهم أجازوا له مشافهة وكتابة إجازة مأثورة عامة تامة‏.‏

وممن استجاز منه‏:‏ العالم الكامل، والمحدث الفاضل، الشيخ‏:‏ يحيى بن محمد بن أحمد بن حسن الحازمي - قاضي عدن حالا - أجاز له حسب اقتراحه، في ذي الحجة، سنة 1295 الهجرية؛ والشيخ، العلامة، زينة أهل الاستقامة، السيد‏:‏ نعمان خير الدين ألوسي زاده - مفتي بغداد حالا - أجاز له في هذا العام الحاضر، وهو سنة 1296 الهجرية‏.‏

ثم طالع بفرط شوقه، وصحيح ذوقه‏:‏ كتبا كثيرة، ودواوين شتى، في العلوم المتعددة، والفنون المتنوعة، ومر عليها مرورا بالغا، على اختلاف أنحائها، وأتى عليها بصميم همته، وعظيم نهمته، بأكمل ما يكون، حتى حصل منها على فوائد كثيرة، وعوائد أثيرة، أغنته عن الاستفادة عن أبناء الزمان، وأقنعته عن مذاكرة فضلاء البلدان‏.‏

وجمع - بعونه تعالى، وحسن توفيقه، ولطف تيسيره - من نفائس العلوم، والكتب، ومواد التفسير، والحديث، وأسبابها، ما يعسر عده، ويطول حده‏.‏ ‏(‏3/ 273‏)‏

وأوعى من ضروب الفضائل العلمية، والتحقيقات النفسية، ما قصرت عنه أيدي أبناء الزمان، ويعجز دون بيانه ترجمان اليراع عن إبراز هذا الشأن - ولله الحمد على ما يكون، وعلى ما كان -‏.‏

ثم ألقى عصا التسيار والترحال بمحروسة بهوبال - من بلاد مالوة الدكن -، فنزل بها نزول المطر على الدمن، وأقام بها، وتوطن، وأخذ الدار والسكن‏.‏

وتمول، وتولد، واستوزر، وناب، وألف، وصنف، وعاد إلى العمران من بعد خراب، - وكان فضل الله عليه عظيما جزيلا -‏.‏

والحمد لله الذي فضَّله على كثير ممن خلق تفضيلا‏.‏

ثم اختص - بعونه تعالى، وصونه - بتدوين علوم الكتاب العزيز، وأحكام السنة المطهرة البيضاء، وتلخيصها، وتلخيص أحكامها، من شوب الآراء، ومفاسد الأهواء‏.‏

وهذا - إن شاء الله تعالى - خاص به في هذا العهد الأخير، - والله يختص برحمته من يشاء -، كيف‏؟‏ وعلماء الأقطار الهندية، وإن بالغ بعضهم في الإرشاد إلى اتباع السنة، وقرره في مؤلفاته، وحرره في مصنفاته، على وجه ثبت به على رقاب أهل الحق والمنة، وشمر بعضهم عن ساق الجد والاجتهاد، في الدعوة إلى اعتقاد التوحيد، ورد الشرك والتقليد، باللسان والبيان، بل بالسيف والسنان، لكن لم يدوِّن أحد منهم أحكام الكتاب العزيز، وعلوم السنة المطهرة، من العبادة، والمعاملة، وغيرها، خالصة عن آراء الرجال، نقية عن أقوال العلماء، على هذه الحالة المشاهدة في كتبه المختصرة والمطولة‏:‏

‏(‏كالروضة الندية‏)‏‏.‏

و ‏(‏مسك الختام، شرح بلوغ المرام‏)‏‏.‏

و ‏(‏عون الباري‏)‏‏.‏

و ‏(‏فتح البيان‏)‏، و ‏(‏رسالة القضاء، والإفتاء، والإمامة، والغزو، والفتن، والنار‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ وغير ‏(‏3/ 274‏)‏ ذلك مما طبع، واشتهر، وشاع، وسارت به الركبان إلى أقطار العالم من‏:‏ العرب والعجم، كالحجاز، واليمن، وما إليها، ومصر، والعراق، والقدس، وطرابلس، وتونس، والجزائر، ومدن الهند، والسند، وبلغار، ومليبار، وبلاد الفرس‏.‏

وهذا من فضل الله تعالى على عباده المؤمنين، وكتب إليه علماء الآفاق، ومحرروها، ومحدثو الديار، ومفسروها، كتبا كثيرة أثنوا فيها على تلك التواليف، ودعوا له بإخلاص الفؤاد، لحسن الدنيا والأخرى، - تقبل الله فيه هذه الدعوات، وختم بالحسنى، وأحسن إليه بتيسير المنجيات ‏.‏

وهذه الخطوط والرقائم، قد ألحقت في خواتيم مؤلفاته، فانظر إليها في تضاعيف محرراته، يتضح لك القول الحق، والكلام الصدق، - إن شاء الله تعالى -‏.‏

ثم خوله - سبحانه - من المال الكثير، والحكم الكبير، والآل السعداء، والأخلاف الصلحاء، والنسب الحميد، والحسب المزيد، ما يقصر عن كشفه لسان اليراع، ولو كشف عنه الغطاء، ما ازداد الواقف عليه إلا يقينا، وإن يأباه بعض الطباع‏.‏

وهو الذي يقول لأخلافه، مقتديا بأسلافه، بفم الحال، ولسان المقال‏:‏

{‏اعملوا آل داود شكرا، وقليل من عبادي الشكور‏}‏، و ‏{‏إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار‏}‏‏.‏

وهو قد طعن الآن في عشر الخمسين من العمر المستعار، مع ما هو مبتلى به من‏:‏ سياسة الرياسة، وقلة الشغل بالعلم والدراسة، وفقد الأحبة والأنصار، وتسلط الأعداء الجاهلين بالقضايا والأقدار‏.‏

والمرجو من حضرة رب العالمين، أن يجعله ممن قال فيهم‏:‏ ‏{‏وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين‏}‏‏.‏ والحمد لله الذي جعله محسودا، ولم يجعله حاسدا، وخلقه صابرا شكورا، ولم يخلقه فظا غليظ القلب عاندا‏:‏

لله در الحسد أعدله ** بدأ بصاحبه فقتله

وهذه أسماء كتبه المؤلفة

على ترتيب حروف المعجم، المطبوعة في مطابع بهوبال ‏(‏3/ 275‏)‏ المحمية، ومصر، والقسطنطينية، والشام، وغيرها من البلاد العظام، - ‏(‏ويزيد الله في الخلق ما يشاء‏)‏، وهو المتفضل ذو الإنعام ‏.‏

 الألف

أبجد العلوم ‏(‏ع‏)‏؛ إتحاف النبلاء المتقين، بإحياء مآثر الفقهاء المحدثين ‏(‏ف‏)‏؛ الاحتواء، على مسألة الاستواء ‏(‏ه‏)‏؛ الإدراك، لتخريج أحاديث رد الإشراك ‏(‏ع‏)‏؛ الإذاعة، لما كان وما يكون بين يدي الساعة ‏(‏ع‏)‏؛ أربعون حديثا في فضائل الحج والعمرة ‏(‏ع‏)‏؛ إفادة الشيوخ، بمقدار الناسخ والمنسوخ ‏(‏ف‏)‏؛ الإكسير، في أصول التفسير ‏(‏ف‏)‏؛ إكليل الكرامة، في تبيان مقاصد الإمامة ‏(‏ع‏)‏؛ الانتقاد الرجيح، في شرح الاعتقاد الصحيح ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الباء الموحدة

بدور الأهلة، من ربط المسائل بالأدلة ‏(‏ف‏)‏؛ بغية الرائد، في شرح العقائد ‏(‏ف‏)‏؛ البلغة، إلى أصول اللغة ‏(‏ع‏)‏؛ بلوغ السول، من أقضية الرسول ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 التاء الفوقانية

تميمة الصبي، في ترجمة الأربعين من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ‏(‏ه‏)‏‏.‏

 الثاء المثلثة

ثمار التنكيت، في شرح أبيات التثبيت ‏(‏ف‏)‏‏.‏ ‏(‏3/ 276‏)‏

 الجيم

الجنة، في الأسوة الحسنة بالسنة ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الحاء المهملة

حجج الكرامة، في آثار القيامة ‏(‏ف‏)‏؛ الحرز المكنون، من لفظ المعصوم المأمون ‏(‏ع‏)‏؛ حصول المأمول، من علم الأصول ‏(‏ع‏)‏؛ الحطة، بذكر الصحاح الستة ‏(‏ع‏)‏؛ حل الأسئلة المشكلة ‏(‏ف‏)‏‏.‏

 الخاء المعجمة

خبية الأكوان، في افتراق الأمم على المذاهب والأديان ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الدال المهملة

دليل الطالب، إلى أرجح المطالب ‏(‏ف‏)‏‏.‏

 الذال المعجمة

ذخر المحتي، من آداب المفتي ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الراء المهملة

رحلة الصديق، إلى البيت العتيق ‏(‏ع‏)‏؛ الروضة الندية، شرح الدرر البهية ‏(‏3/ 277‏)‏ ‏(‏ع‏)‏؛ رياض الجنة، في تراجم أهل السنة ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 السين المهملة

السحاب المركوم، الممطر بأنواع الفنون، وأصناف العلوم ‏(‏ع‏)‏؛ وهو القسم الثاني من هذا الكتاب‏:‏ ‏(‏سلسلة العسجد، في ذكر مشائخ السند‏)‏ ‏(‏ف‏)‏‏.‏

 الشين المعجمة

شمع انجمن، در ذكر شعراء زمن ‏(‏ف‏)‏‏.‏

 الصاد المهملة

الصافية، في شرح الشافية ‏(‏ف‏)‏ في علم الصرف‏.‏

 الضاد المعجمة

ضالة الناشد الغريب، من بشرى الكئيب، في شرح المنظوم المسمى‏:‏ ‏(‏بتأنيس الغريب‏)‏ ‏(‏ف‏)‏‏.‏

 الظاء المعجمة

ظفر اللاضي، بما يجب في القضاء على القاضي ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 العين المهملة

العبرة، مما جاء في الغزو والشهادة والهجرة ‏(‏ع‏)‏؛ العلم الخفاق، من علم الاشتقاق ‏(‏ع‏)‏؛ عون الباري، بحل أدلة البخاري ‏(‏ع‏)‏ أربع مجلدات‏.‏‏.‏ ‏(‏3/ 278‏)‏

 الغين المعجمة

غصن البان، المورق بمحسنات البيان ‏(‏ع‏)‏؛ غنية القاري، في ترجمة ثلاثيات البخاري ‏(‏ه‏)‏‏.‏

 الفاء

فتح البيان، في مقاصد القرآن ‏(‏ع‏)‏ أربع مجلدات؛ فتح المغيث، بفقه الحديث ‏(‏ه‏)‏؛ الفرع النامي، من الأصل السامي ‏(‏ف‏)‏‏.‏

 القاف

قصد السبيل، إلى ذم الكلام والتأويل ‏(‏ع‏)‏؛ قضاء الأرب، من مسألة النسب ‏(‏ع‏)‏؛ قطف الثمر، من عقائد أهل الأثر ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الكاف

كشف الالتباس، عما وسوس به الخناس، في رد الشيعة ‏(‏بالهندية‏)‏‏.‏

 اللام

لف القماط، على تصحيح بعض ما استعملته العامة من الأغلاط ‏(‏ع‏)‏؛ لقطة العجلان، مما تمس إلى معرفته حاجة الإنسان ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الميم

مثير ساكن الغرام، إلى روضات دار السلام ‏(‏ع‏)‏؛ مراتع الغزلان، من تذكار أدباء الزمان ‏(‏ع‏)‏؛ مسك الختام، من شرح بلوغ المرام ‏(‏ف‏)‏ مجلدان ضخيمان؛ منهج الوصول، إلى اصطلاح أحاديث الرسول ‏(‏ف‏)‏؛ الموعظة الحسنة، بما يخطب به في شهور السنة ‏(‏ع‏)‏‏.‏ ‏(‏3/ 279‏)‏

 النون

نشوة السكران، من صهباء تذكار الغزلان ‏(‏ع‏)‏؛ نيل المرام، من تفسير آيات الحكام ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الواو

الوشي المرقوم، في بيان أحوال العلوم، المنثور منها والمنظوم، وهو القسم الأول من هذا الكتاب ‏(‏ع‏)‏‏.‏

 الهاء

هداية السائل، إلى أدلة المسائل ‏(‏ف‏)‏‏.‏

 الياء

يقظة أولي الاعتبار، مما ورد في ذكر النار، وأصحاب النار ‏(‏ع‏)‏‏.‏

وهذا آخر ذكر الكتب المؤلفة إلى هذا التاريخ‏.‏

‏(‏قال المحقق‏:‏ ويرمز حرف ‏(‏ع‏)‏ إلى أن المؤلَّف هو باللغة العربية، وحرف ‏(‏ف‏)‏ بالفارسية، وحرف ‏(‏ه‏)‏ بالهندية‏)‏‏.‏

ثم اتفق أنه أتحف إلى حضرة السلطان المعظم‏:‏ عبد الحميد خان - ملك الدولة العثمانية - تفسيره‏:‏ ‏(‏فتح البيان، في مقاصد القرآن‏)‏، وكتب إليه كتابا في ذلك، فجاء إليه من بابه العالي، المثال الغالي، جوابا عليه مع نشان الدرجة الثانية، المسمى ‏(‏بمجيدية‏)‏، ويقال له‏:‏ ‏(‏ارنجي‏)‏ بالتركية‏.‏

وورد مكتوب من السيد‏:‏ خير الدين باشا الصدر الأعظم مع كتاب‏:‏ ‏(‏أقوم المسالك، في أحوال الممالك‏)‏ هدية منه إليه، وهذه نسختهما‏:‏ ‏(‏3/ 280‏)‏

افتخار الأعالي والأعاظم، مستجمع جميع المعالي والمفاخم، صديق حسن خان - دام علوه -، زوج سيدة المخدرات، إكليلة المحصنات، شاهجان بيكم - دامت عصمتها - التي هي من نوابة هند، رئيسة خطة بهوبال، اتصفت ذاته العالية الصفات، بالأوصاف التي تمدح، وتقبل لنا في حق كرامته اعتبار وتوجه سلطاني، وقد سلمنا جنابه للدلالة على ذلك من جانبنا السني، الجواب السلطاني قطعة نشان ذي الشان، من الرتبة الثانية، وأصدرنا إليه هذه البراءة العالية الشان، حرر في اليوم العشرين، من شهر ربيع الأول، سنة ست وتسعين ومائتين وألف‏.‏ انتهى‏.‏

وقد هنّاه على ذلك جمع جم من أهل العلم، وأرخ له المؤرخون من شعراء الرياسة، منها‏:‏ قصيدة الشيخ الأديب، والسفير اللبيب‏:‏ محمد حسن بن محمد إسماعيل الدهلوي، المتخلص‏:‏ بالفقير، أولها‏:‏

تجلى لنا نور الهنا ووفى البشر ** ومن زَهْر أفنان الورى عبق النشرْ

وعندل طير الأنس في روضة المنى ** على فنن الأفراح وانشرح الصدر

وهذه القصيدة بتمامها مع الكتابة التي كانت على اسم حضرة السلطان، محررة في تاريخ بلدة بهوبال المحمية - صانها الله وإيانا عن كل رزية وبلية، بجاه نبيه المصطفى خير البرية، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه كل بكرة وعشية -‏.‏

 السيد، الصالح‏:‏ أبو الخير مير نور الحسن خان الطيب

ولد المؤلف الكبير - جمل الله الوجود ببقائه، وعطر الأكوان بثنائه -؛ ولد ببلدة بهوبال المحمية، يوم ‏(‏3/ 281‏)‏ الأربعاء، قبيل طلوع الشمس، في الحادي والعشرين من شهر رجب، سنة ثمان وسبعين ومائتين وألف الهجرية، ويوم ولادته هذا، وافق يوم ولادة يونس بن متى - عليه السلام -، ويوم فتح غزوة الأحزاب لنبينا - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ وحين وُلد كتب أهل العلم تهاني كثيرة، منهم‏:‏ شيخنا وأستاذه القاضي‏:‏ حسين بن محسن اليماني قال‏:‏ هنّا كم الله بالمولود السعيد، وجعله من حملة القرآن والحديث المجيد؛ ومنهم‏:‏ الشيخ زين العابدين الأنصاري - قاضي بهوبال - حرّر الكتاب، وصدره بهذه الأبيات‏:‏

بشرى لقد طلعت شمس العلى وبدا ** بدر السيادة في أفق الكرامات

در من البحر بحر العلم قد ظهرا ** نور تفتح من روض السعادات

أبقاه رب الورى بالصالحات معا ** وأنبت الله سعدا خير إنبات

قال‏:‏ وقد قلت عند حصول هذه النعمة وورودها، ما كانت العرب تقوله عند التهاني بمولودها‏:‏

مدَّ لك الله في الحياة مدّا ** حتى ترى نجلك هذا جدا

كأنه أنت إذا تبدى ** شمائلا محمودة وعدّا

هناكم الله مولده، وقرن بالخير مورده، وأطال عمره وأسعده، وجعله مقربا في جنابه، ورباه في ظلال السادة أهل كتابه‏.‏

وكتب الشيخ الأديب‏:‏ علي عباس الجرباكوني رسالة، فيها‏:‏

نصدر إليكم المسطور للتهنية والتبشير، بالولد الصالح الفاقد النظير، وأرجو من الله أن يكون عالما بارعا، وإماما نافعا، وأميرا عادلا، وكريما باذلا، وقد وجدت له اسمين دالين على تاريخ ميلاده ‏(‏ظهير الإسلام‏)‏ و ‏(‏نظير حسن‏)‏، وقلت أيضا‏:‏

ليحبني بحت الوداد وسنحته ** لا زال يصطاد الخلائق فخنته

أعطاه معبود السماء وأرضها ** ولدا منيرا ضحه أوفخته

قد قال لي أرّخ وسر الأفئدة ** قد قلت تاريخا يا كرم بخته ‏(‏3/ 282‏)‏

إلى غير ذلك مما هنَّأ به جمع جم من أهل العلم والوداد، وقد وقع - لله الحمد - كما هنُّوه به، فإنه قد نشأ على الصلاح والطاعة، ونمى في شغل العلم بقدر الاستطاعة، وبرع في الذكاء والفطرة على الأقران، وحاز من التقوى والفضائل - مع حداثة سنه - ما عجز عنه الأعيان‏.‏

تتلمذ على جمع من أهل العلم الحاضرين ببلدة بهوبال المحمية، الملازمين للرياسة العلية‏.‏

منهم‏:‏ الشيخ، العالم، المفتي‏:‏ محمد أيوب؛ والشيخ، الفاضل، المولوي‏:‏ أنور علي المراد آبادي؛ والمولوي‏:‏ إلهي بخش الفيض آبادي؛ والمولوي، الكامل، القاضي‏:‏ محمد بشير الدين العثماني، القنوجي؛ والشيخ، العالم‏:‏ محمد بشير السهسواني؛ وشيخنا، العلامة، المحدث‏:‏ حسين بن محسن الأنصاري، اليماني؛ وهذا العبد الفاني الجاني، وهو الآن في كسب الفضائل والعلوم، المنطوق منها والمفهوم‏.‏

له بعض تأليفات نفيسة‏:‏ منها‏:‏ رسالة ‏(‏النهج المقبول، من شرائع الرسول‏)‏؛ وكتاب‏:‏ ‏(‏عرف الجادي، من جنان هدي الهادي‏)‏؛ وهما في فقه السنة، حررهما تحريرا بالغا؛ وتذكرة في شعراء الفرس، سماه ‏(‏نكارستان سخن‏)‏؛ وتذكرة أخرى في شعراء الهند؛ وتعليقات على بعض العلوم الآلية، وهو المقصود الأول، والوجود الثاني لمحرر هذا الكتاب، أثبتُّ ترجمته أولا في كتابي‏:‏ ‏(‏إتحاف النبلاء‏)‏، وثانيا في تذكرتي للشعراء، المسماة‏:‏ ‏(‏بشمع انجمن‏)‏، وهي أيضا محررة في ‏(‏صبح كلشن‏)‏، وغيره؛ وجمعت له من الكتب النفيسة العزيزة الوجود خزينة، ومن الأموال المحللة عدة يعيش بها عيشة رضية - إن شاء الله تعالى -؛ وهو المخاطب من جهة الرئيسة المعظمة‏:‏ بالخان، والملحوظ بعين الشفقة الزائدة على الأقران؛ له شعر حسن بالفارسية، وكلام بليغ في العبائر الأدبية، - أدام الله سعده، وأطال حياته ومجده -‏.‏

 السيد، الشريف‏:‏ أبو النصر، مير علي حسن خان الطاهر

ولد المؤلف ‏(‏3/ 283‏)‏ الصغير، ولد ببلدة بهوبال المحمية، ونشأ بها في أرغد نعمة، وأطيب أمنية، وكانت ولادته هذه يوم الخميس، رابع الربيع الآخر، من سنة 1283، ثلاث وثماني ومائتين وألف الهجرية، ذكرت له ترجمة في كتابي‏:‏ ‏(‏إتحاف النبلاء‏)‏، وهي محررة أيضا في ‏(‏شمع انجمن‏)‏ تذكرة الشعراء‏.‏

قرأ الفارسي على الحكيم المولوي‏:‏ محمد أحسن البلجرامي - مؤلف ارتنك فرهنك -؛ وأخذ الصرف والنحو، وهو يكتسب الآن بقية العلوم، له ذكاء، وفطنة، وهمة، وسعادة عظيمة، يتدرب في الشعر، حرر تذكرة لشعراء الفرس، وسماها‏:‏ ‏(‏صبح كلشن‏)‏؛ وإليه ينسب‏:‏ ‏(‏شرح المرقاة في المنطق‏)‏، الذي استفاده من المولوي‏:‏ إلهي بخش الفيض آبادي؛ يحفظ من النظم العربي والفارسي قسطا كبيرا؛ له حواش على مؤلفاتنا، كما هي لأخيه، و ‏(‏رسالة في‏:‏ حكم التقليد‏)‏، كما لأخيه في الاجتهاد، وقد طُبعتا لهذا العهد في مطبعة الجوائب بالقسطنطينية؛ وعليه شفقة عظيمة للرئيسة المعظمة، وهي التي خاطبته‏:‏ بالخان، وأعطته من المعايش ما يكفي لمؤون الزمان، وكذلك هو أحب أولادي إلي - وإن كان قليل الاعتناء بالعلم، وبما لدي -، لكن أرجو ربي أن يجعله من أهل العلم، وخُلَّص عباده، ويخصه باعتمال مرضاته ومراده، وما ذلك عليه بعزيز، وكم دعوت له ولأخيه وأخته في الحرمين الشريفين، وأماكن الإجابة‏!‏ وظني أن دعواتي قد حلت - إن شاء الله تعالى - محل القبول والاستجابة، ولا عبرة بحركات عهد الصبا، إنما العبرة بما يستقر عليه الحال عند الانتهاء - أحسن الله إلينا جميعا، فإنه سبحانه كان بصيرا سميعا -‏.‏

 علماء بلدة بهوبال المحمية

أي الواردين بها، الملازمين للرياسة العلية، وهم كثيرون، - وإن كانوا غرباء من بلاد شتى، وقد حوى تراجمهم كتاب‏:‏ ‏(‏تاريخ بهوبال‏)‏ الذي حرره بعض الفضلاء ‏(‏3/ 284‏)‏، وحالتهم الراهنة، وصفتهم الحاضرة، تغني عن ذكرهم في هذا الكتاب، ومؤلفاتهم الموجودة بين ظهراني الطلبة، تنبئ عما في الباب، كيف والفضل لا يخفى على الفضل‏!‏ والفرض لا يشتبه بالنفل‏!‏

ولكن لا بد هاهنا من ترجمة مليكة هذه الرياسة، فإنها التي جمعت هؤلاء، وهم الذين اجتمعوا على سدتها الرفيعة، مستجدين للعطاء، وهذه ترجمتها - أدام الله تعالى رفعتها، وأطال عصمتها‏.‏

 تاج الهند المكلل‏:‏ أهل بيتي نواب شاهجهان بيكم، مليكة بلدة بهوبال المحمية

ومالكة رياستها العلية؛ - جمل الله الوجود ببقائها -، المخاطبة‏:‏ بالرئيس البطل الأعظم، من الطبقة العليا للكواكب الهند، وُلدت بحصن إسلام نكر، على ثلاثة فراسخ من بهوبال، في سنة 1254، وجلست مجلس أبيها بالاستحقاق من غير شقاق، وهي ابنة تسع سنين، في الخامس عشر، من شهر الله المحرم، سنة 1263، وأتت إليها خلعة فاخرة، من جهة ملكة البرطانية - حاكمة الهند، والإنكلند -، وربت في حجر أمها‏:‏ نواب سكندر بيكم، وحصلت الفنون الفارسية، وتعلمت الخط والكتابة، واستفادت سليقة الرياسة والسياسة، حتى برعت في ذلك على الأقران، وامتازت بينهم في القدرة على ترجمة القرآن، وتحرير الرسائل الدينية، وتقرير المسائل الدولية، جامعة للفضائل الدنيوية والأخروية، يضرب بها المثل في‏:‏ الذكاء، والحفظ، والكرم، والرحمة، والجود، فهي إنسان عين الشهود، وعين إنسان الوجود‏.‏

لما بلغت من العمر اثنتين وعشرين سنة، فوضت عنان الرياسة إلى يد اقتدار أمها، واكتفت لنفسها بولاية العهد، وهذا غاية الهمة والجود، فإنه لا يسمح بذلك إلا القليل النادر، وحين توفت والدتها الشريفة، في شهر رجب، من شهور سنة 1285، جلست على مسند الرياسة، وشرفت محل السياسة، من جهة الأبوين، ثم تزوجت بي في سنة 1288، بعد ما أجازته بذلك السلطنة البرطانية، في عهد حكومة لارد ميو حاكم الهند - نزيل دار الإمارة‏:‏ كلكته -، وتاريخ هذا العقد‏:‏ بتعمية العدد ‏(‏3/ 285‏)‏ الواحد ‏(‏وأخرى تحبونها‏)‏، ويا له من تاريخ ينبئ عن حسنات الدارين‏.‏

أما الأولى‏:‏ وهي حسنة الدنيا، فعموم النفع الذي سألت سيوله بهذا السبب‏.‏

وأما الثانية‏:‏ فهي حب عقبي الدار، وفي نحو هذا المحل يقال‏:‏ ‏(‏ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار‏)‏‏.‏

ثم إنها سافرت في شهر رمضان، إلى بندر ممبيء، في سنة 1289، وهناك حصل له الخطاب العالي، من الدرجة الأولى، والنشان السلطاني المعنون بقلم الوزير الأعظم، الذي يقال له‏:‏ ‏(‏ممبراف دي امبرئيل آردر أف دي كرند كمندر اشتاراف إنديا‏)‏، ورجعت قريرة العين بإعزاز خاص، واختصاص عام إلى دار مملكتها‏.‏

وسافرت بعد ذلك، في أواخر ذي قعدة، سنة 1292 الهجرية، إلى دار الإمارة‏:‏ كلكته، ولاقت بها برنس‏:‏ اف ويلز - أكبر أولاد ملكة إنكنلد، ووليِّ عهدها -‏.‏

وقد عظمها تعظيما بليغا، وأعطاها تمغة نبيلة، وتحائف جليلة، من التي تعمل بإقليم إفرنج‏.‏

وكذلك لاقت قبل ذلك أخاه‏:‏ برنس ايدنبرا، ورأت من تلقائه تشريفا كبيرا، وأرسل لها من ‏(‏لندرة‏)‏ أشياء نفيسة، وكنت رفيقها في هذه الأسفار - كما جرت بذلك العادة -‏.‏

ثم سافرت أخرى إلى دهلي، في سنة 1294، وحصل لها النشان القيصري العظيم الشأن، المكتوب عليه ‏(‏العز من الله‏)‏‏.‏

وأعطاها كورنر جنرل سيفا فرنجيا، مع نطاق مطلي، وصندوق محلَّى - وهو موجود عندنا نربطه في المحافل -، ورجعت قرينة السرورة العظيم، راقية على مقام كريم، وفي هذا الاحتفال الكبير، والجمع الغفير، الذي حضر فيه رؤساء الهند جميعهم، قاصيهم ودانيهم، ولا يلفى له نظير في الأزمنة الخالية، على هذه الحالة، تقرر لنا ضرب سبعة عشر مدفعا، من جهة ملكة إنكلند، في جميع أرضها المعمولة فيها، عند ورودنا وصدورنا في تلك البلاد، ثم جاء لها خطاب آخر لفظه‏:‏ كرون أف ‏(‏3/ 286‏)‏ إنديا، وترجمته‏:‏ ‏(‏تاج الهند‏)‏؛ وفي هذا العام الحاضر - أعني سنة 1296 الهجرية - ورد مثالان عظيمان على اسمها الشريف، مع نشان الدرجة العليا، التي يقال لها ‏(‏شفقت‏)‏ من جهة السلطان المعظم، مالك رقاب الأمم‏:‏ عبد الحميد خان - ملك الدولة العثمانية - خلد الله ملكه، وجعل الدنيا بتمامها ملكه، وهذه عبارتها مترجمة‏.‏

والحاصل‏:‏ أن مليكة بهوبال المحمية، زمانها هذا زمان السعادة، وأوان ترقي العلوم، وموسم المسرة والرفعة لكل خادم ومخدوم، كيف، وهي تاج الهند، ورأس الرؤوس‏؟‏‏!‏ وقد قيل في المثل السائر‏:‏ لا عطر بعد عروس، وهي التي عمرت الديار بعد خرابها، وأحيت المدارس العلمية بعد دروسها وتبابها، وبنت المساجد العظيمة، وقررت الوظائف الفخيمة، وحفرت الآبار، وغرست الحدائق والأشجار، وأحدثت العمائر الكبار، وأكرمت الصغائر والصغار، وأحيت السنن، وأماتت البدع، وقلعت أسباب الفجور والفسوق، وأخمدت نار الصبوح والغبوق، وطهَّرت الديار عن أدناس الإشراك والمحدثات‏.‏

وأسبلت ذيول المنح والعطايا، على أهل المكرمات، وجمعت من نفائس الكتب - على اختلاف أنواعها، وتباين علومها - ما يعظم قدره، ويجل وصفه، وأعطت الطلبة ألوفا من المصاحف، والرسائل الدينية مجانا، ولم تحرم من نوالها وجودها إنسانا، وأوقفت أرزاقا كثيرة على الفقراء والمحاويج، وقررت لهم وظائف جمة من النقود والغلات، ولا تزال تعطي العفاة والواردين بمملكتها، من الحجاج والغزاة والمسافرين، والطلبة والمساكين، من الأموال والأقمشة والبيوت، ما يعسر حده، ويطول عده‏.‏

إلى أن سالت سيول فيوضها العامة، لكل حاضر وبادي، وجالت خيول جودها في كل بادية ووادي، وأمن الناس في ظلها الوارف، من كل خوف تالد وطارف، تتحرى الصدق والصواب، في كل إياب وذهاب، وتقيم الصلاة والصوم، عند كل يقظة ونوم، لها يد عاملة في النظم، فارسيا كان أو هنديا، ويمنى جارحة في النثر إنشاء سويا، ونظمها مضبوط في ديوان ‏(‏3/ 286‏)‏ الشعر، وفي ‏(‏تذكرة الشعراء‏)‏، وقد حرر ترجمتها جمع جم من عصابة الأدباء‏.‏

وبالجملة‏:‏ فقد جاءت في هذا الزمان الأخير، والدهر الفقير، جامعة للفضائل، التي قلما تجتمع في رجل، فضلا عن النسوان، حاوية للفواضل، التي قصر دون تبيانها لسان الترجمان، وهذه ذرة من ميدان مناقبها العلية، وقطرة من بحار مكارمها الجلية‏.‏

فلنقتصر هاهنا على هذا القدر النذر، فإن المقام لا يتسع لذكرها على وجه الكمال، - أدام الله أيامها، وسخر لها الدنيا تمامها، وجعل آخرتها خيرا من الأولى، وأولاها مزرعة للأخرى، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير -‏.‏

قد تمَّ - بعون الله تعالى، وحُسْنِ توفيقه - الجزء الثالث، من كتاب‏:‏ ‏(‏أبجد العلوم‏)‏، على يد كاتبه الفقير‏:‏ علي حسين - غفر الله ذنوبه وستر عيوبه -‏.‏

نهاية الكتاب